عندما يستيقظ السوري
على غير حكايا ، على خلطة عجيبة تدهش لها الأعين وتشمئز منها النفوس ، وتقرف من مذاقها الالسن ، وتثور في وجهها انزيمات المعدة والأمعاء فإن إستطاع احدهم إبتلاعها تعيدها قيئاً . فالأخضر بات يباساً ، والهواء غازاً ساماً ، والطعام مغمساً بالدم ، والحلو مراً علقماً ، والقمح بات شظايا لقنابل انشطارية ، انها وجبتك اليومية أيها السوري تأتيك كل يوم سواء طلبتها أم لم تفعل ، تفوح منها روائح سمٍ تزكم الأنوف ، يحضرها الدليفري الخاص بثوار الناتو إليك أينما كنت ، وجبة البارحة كانت الخيانة بأبشع صورها و أقذر حالاتها ، تفاصيلها استهدافٌ جديد للجيش في أعلى الهرم ، لقياداته الشامخة التي أبت إلا أن تسجل اسماءها على صفحة الخلود و المجد ، صفحة الشهداء .. اكرم من في الدنيا و أنبل بني البشر .
سأبدأ كتابتي عن إستشهاد هؤلاء القادة الكبار لا يأتي فقط من حقيقة كونهم قادة أو كبار فقد سبقهم للشهادة كبارٌ آخرون و ليس الكبير هنا في الرتب و الأوسمة التي تزين بذته العسكرية فقط و انما الكبير في الموقف و الإستعداد لبذل الدم و الروح فداءً للوطن و هنا نصل إلى أن كل شهداءنا من الجيش و قوات حفظ النظام و القوى الأمنية هم كبارٌ تعانق تضحياتهم السماء ، و هذا ينطبق بكل تأكيد على كل " المدنيين الأبرياء " بغض النظر عن اعمارهم و أعمالهم و مناطقهم و جنسهم ، أولئك أيضاً كبارٌ تداعب أرواحهم النجوم ، أذكر أيضاً أن جيشنا الأبي مزدانٌ بالآلاف في الضباط و عشرات الآلاف من صف الضباط و مئات الآلاف من الجنود ، و هو قادر في كل حين أن يرفد كل المواقع العسكرية ببديلٍ للشهيد الراحل أياً كانت رتبته ، لكن المؤلم فيما جرى بالأمس كان رمزية اسمائهم و مواقعهم و ارتباط اسمائهم بالفترة الزمنية الطويلة التي قضوها في المؤسسة العسكرية . لكنني و دونما قصد أو توجيه للعقل أو تحكمٍ في مركز المحاكمة فيه تنامت في صدري مشاعر مختلفة هي مزيجٌ رائعٌ من الغضب و التحدي و الثبات ؟؟ أمس كان يوم عيد و فرحة تملأ الصدور في الكيان الإسرائيلي ، و كيف لا و قد قدم العهرة اليوم كما سابقاً دليلاً جديداً على زندقة الإنتماء و كفر الإيمان و موت الضمير و دوام الإنحناء لمن يريد الركوب ، و ما أكثر من يمارس عليهم هذه الهواية ، لقد قدموا للإسرائيلي خدمةً جليلة و هديةً ثمينة لا يجرؤ احد قادته أن يسمح لها بإختراق عالم أحلامه ، " ، لكن إرادة الشيطان في الأمس ارادت له أن يكون ، فبإسم الإسلام و تحت شعار اعطني حريتي أطلق يدي قام العهر الثوري بإستهداف أحد أهم الأماكن رمزيةً و كان ضحيته ثلاثة من أهم أعمدة القيادة السورية ثقلاً عسكرياً و تاريخاً عريقاً و تجربةً طويلة في المواجهة مع جيش الإحتلال عبر الحروب الأخيرة التي خيضت معه . .... .؟؟ .. . الجميع يعرف أن من أخطر قواعد السياسة الغربية و الصهيونية مبدأ خلق الأسباب الموجبة لرد الفعل أو بكلمة أخرى للعدوان ، و لنا في تاريخنا الحديث في الحرب على أفغانستان و العراق خير مثال ، كما في التحضير للحرب المجنونة على سورية و إيران ، و خلق أسباب إضافية يتبرع بها أحد جهازي الموساد أو "السي أي إيه " هو دائماً إحتمال وارد و لا يجافي المنطق ، و هكذا تساؤل يأخذ بعداً أعمق إن لاحظنا أن كلا الحدثين أي الجريمة القذرة في دمشق و استهداف السياح في بلغاريا وقعا تزامناً مع إحتفالات حزب الله بالذكرى السادسة لإنتصار تموز ، السؤال أخيراً هل ترتكب إسرائيل تلك الحماقة اثر نوبة جنون تعتري قياداتها مثلاً ، أم أن القيادة السورية و بالتنسيق مع حلفائها قد تعمل من منطلق " ضرب الرأس في الجسد المتآمر ... أو قلبه " .. خطاب السيد حسن نصر الله ، و كان لافتاً ما أتى في معرض خوضه في الأزمة السورية و الجريمة القذرة الأخيرة التي استهدفت الشهداء القادة كما حرص على تسميتهم ، لكن اللافت كان أيضاً أن نصر الله أعطى اليوم إقراراً رسمياً لافتاً و على الهواء مباشرةً ،، إذ قال أن أهم الصواريخ التي سقطت على كيان العدو في حرب تموز هي صناعة سورية ، طبعاً بالإضافة إلى مختلف الذخائر و العتاد الحربي فيما كانت القيادة السورية تنفي دائماً تقديمها أي دعم عسكري للمقاومتين اللبنانية و الفلسطينية ، هذا التصريح كان مؤجلاً على ما يبدو بالإتفاق بين الطرفين ، كما كان لافتاً رسالته المبطنة الذكية لزعامات المقاومة الفلسطينية في تعرضه للمساعدات السورية لغزة و المقاومة الفلسطينية بشكلٍ عام سواء بالغذاء أو الدواء أو .. و هنا الأهم السلاح الذي كان يصل إلى غزة ، تصريح السيد نصر الله كان إيجابياً لجهة وضع النقاط على الحروف و إعطاء كل ذي حقٍ حقه ، و إحراج من بات احراجه ضرورياً إلى حدٍ بعيد و المقصود هنا دون شك قيادة حماس التي يعتبرها معظم السوريين ناكرةً للجميل و متخاذلة في موقفها من القيادة السورية التي احتضنتها في الوقت الذي لم يكن لها من ملجأ أو معين و دعمتها سياسياً و مادياً و عسكرياً ، سيما إن تذكرنا أن سورية كانت تفعل ذلك في الوقت الذي كان العالم كله مشغولاً بحصار الشعب الفلسطيني سيما النظام المصري و أصحاب العباءات القذرة ، لكن حلف بني صهيون الناتوي الأعرابي الإسرائيلي رغم إدراكه لهذه الحقيقة أي امداد القيادة السورية للمقاومتين اللبنانية و الفلسطينية بالسلاح ، إلا أنها و بعد أن خرجت إلى العلن على لسان سيد المقاومة اللبنانية فهي سوف تشكل عامل و حافز إضافي يضاف لقائمة الحوافز الموجبة للتخلص من القيادة السورية و استبدالها بأخرى عميلة و تابعة ... . أقول أخيراً أنها كي تهزم .. سوريا .. فعلى الخراب و الدمار أن يعرف طريقه أيضاً إلى أراضي معظم شركاء الحرب الكونية عليها ، و أما هي فلا تاريخها يقبل و لا ضمائر ابنائها ترضى لها الهزيمة ، فأبناؤها ينشدون انتصارها و هم من هذا المنطلق لا يمكن لهم أن يقبلوا لأنفسهم الهزيمة من خلالها ، فمن ينشد الإنتصار لا يقبل بالهزيمة ، لنا أن نؤمن بالنصر و نضعه هدفاً و غاية فتلك نصف المسافة للوصول إليه و نيله .فقط عندما يبتلع الشيطان حبوب الهلوسة يرى دمشق قد سقطت ، أو عندما يشرب حد الثمالة و تخدعه مخيلته بمشهد سقوط الرئيس الأسد ، إن الأمر ببساطة هو كما الفرق بين الحقيقة و الوهم ، بين الواقع أو الخيال ، فعلى أرض الواقع وعلى مدار ستة عشر شهراً لم يستطع جميع أحبته و خلانه ..الشيطان ، أن يرووا ظمأه و عطش و يشفوا غليله بحدثٍ أو واقعة أو خبر أو تحول جذري على الأرض السورية يجعل من أوهامه أحلاماً قابلة ربما للمعايشة على أرض الواقع ، اليوم ،،نرى جميع أحبته و عشاقه و صبيانه و غلمانه و ثيرانه و بعيره و حميره وقد تحزبت خلفه و بدأت عزف ضوضاء الشياطين ، لكننا نقول أن للأغلبية من أبناء سورية غير نشيد ... لن يكون غيره ،، نشيد نصر السوريين عبر نصرها ..سورية . يحضرني هنا قولٌ رائع يقول صاحبه : للنصر طريقان يؤديان إليه ..براعتك .. و حماقة عدوك ، نحن نسقط كي ننهض و ننهزم في بعض المعارك لنحرر نصراً أروع .. تماماً كما ننام لنصحو أكثر قوة و نشاط ... .
\\ ابو فاتح \\