مارشال» جديد قيد التحضير.. «أصدقاء سوريا» يقتسمون الاقتصاد السوري قبل هزيمته!!
شوكوماكو - وكالات
الدليل على أن القلق الغربي على سوريا لاعلاقة له البتة بالأسباب النبيلة المعلنة, كنشر الديمقراطية وحماية المدنيين, هو خطة نهب الثروات السورية التي يعدها منظمو مؤتمر أصدقاء سوريا, بحيث تكون جاهزة للتنفيذ بمجرد احتلال البلد.
وبمقتضى التقاليد الاستعمارية الكبرى, فقد تشكلت "مجموعة عمل" تتشارك في رئاستها ألمانيا ودولة الامارات, لدراسة سبل تقاسم الغنائم السورية... "لقد باع حلف الناتو ومجلس التعاون الخليجي جلد الدب قبل اصطياده".
مجموعة نصبت نفسها بنفسها
عقدت "مجموعة عمل" دولية أول اجتماع لها الأسبوع الماضي, بمشاركة ألمانية في أبوظبي, بهدف اتخاذ اجراءات اقتصادية فور سقوط النظام في سوريا"، على حد تعبيرهم. لقد تم تأسيس مجموعة العمل هذه في 1 نيسان الماضي في اسطنبول من قبل "مجموعة أصدقاء الشعب السوري". وهي في الواقع تحالف عدة دول غربية وأخرى موالية للغرب, قاتلت إلى جانب المعارضة وتعاونت بشكل أساسي مع مجلس اسطنبول, بوصفها منظمة في المنفى. لكن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة, لم يعترف اطلاقا "بمجموعة أصدقاء الشعب السوري", ولا "بمجموعة العمل الدولية" التي نصبت نفسها بنفسها "كمنتدى مركزي" للإجراءات الاقتصادية الضرورية.
ألمانيا هي المسؤول الرئيسي
وكما أوضح الدبلوماسي الألماني كليمنس فون غوتز "مدير الدائرة الثالثة في وزارة الخارجية الألمانية", الذي ترأس الاجتماع الأسبوع الماضي إلى جانب نظيره الاماراتي, فإن "مجموعة العمل" لم تتأسس بهدف تقديم مساعدات عاجلة للشعب السوري, بقدر ما هي لحظة مواتية لفتح البلد على آفاق بعيدة المدى.
وبحسب الدبلوماسي الألماني فإن النموذج الأفضل لسوريا, هو مشروع مارشال الذي اعتمدته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية لإعادة إعمار أوروبا، وبناء على ذلك فقد انبثق عن "مجموعة العمل" هذه, عدة مجموعات فرعية, تعنى كل واحدة منها بمسائل محددة.
ونقرأ في التقارير التي رشحت عن هذا الاجتماع, أن توافقاً دوليا للدول الأعضاء في مجموعة العمل, قد تم رسميا, جعل من ألمانيا مسؤولة عن ملف "الاصلاح السياسي والاقتصادي". الأمر الذي يعني بوضوح "وضع استراتيجيات بعيدة المدى" من شأنها تحفيز الانتقال من "اقتصاد مركزي إلى اقتصاد سوق".
تأسيسا على ذلك, أنشأت "مجموعة العمل" مكتب أمانة عامة خاص بها, تعتزم كل من ألمانيا ودولة الامارات رصد مبلغ 600 ألف يورو كموازنة له, ليكون بتصرف المدير الألماني غونار فالزهولز, الذي سبق أن شغل منصب مدير (كريديت أنستالت فور فيدراوفبو) في أفغانستان.
العصا والجزرة
واستنادا لما أكد أحد المشاركين في اجتماع الأسبوع الماضي, فإن ألمانيا هي المسؤولة عن الاجراءات الواجب اتخاذها, لتلبي الأهداف البعيدة المدى. كما تقع عليها أيضا مسؤولية وضع البرامج الاقتصادية القادرة على جذب الفعاليات الداخلية التي "لاتشارك في حركة التمرد, وتتردد حتى الان في دعمها". إنها تمثل ترياقا لعدم رفع العقوبات التي من شأنها أن تحث رجال الأعمال الموالين على الانتقال إلى الضفة الأخرى, من خلال الضغوط, وليس المحفزات. وقد أوضحت "مجموعة العمل" أن قرار رفع العقوبات يمكن أن يتخذ في "حال تحققت الأهداف منها", أي في حال حدوث تغيرات مشجعة في مواقف الأوساط الاقتصادية المعنية بعد سقوط سوريا.
النتائج المترتبة على تحرير التجارة
لابد من الاشارة هنا إلى أن برلين التي تربطها علاقات تعاون مع الحكومة السورية منذ عدة سنوات سابقة, تشجع الآن خصخصة الاقتصاد السوري التي ألقيت مسؤوليتها على عاتق "مجموعة العمل".
ففي عام 2006, سبق لمنظمة التعاون الألمانية (ج.تي.زد) والتي أصبحت تدعى الآن (جي.اي.زد) أن أطلقت, تحديدا لهذا الغرض, برنامجا تحت عنوان "دعم اصلاح الاقتصاد السوري", جاء فيه أن "الحكومة السورية قد أخذت قرارا عام 2000 بالانتقال إلى اقتصاد السوق الاجتماعي" غير أن "المؤسسات المعنية تفتقر إلى المعرفة". ولهذا السبب كان على منظمة (جي.تي.زد) أن تدعمها.
كان الجميع يزعم أنه بفضل المنعكسات المتوقعة على الدخل والعمل, (....) فإن الاصلاح كفيل "بتحسين ظروف معيشة الشعب السوري". ليس فقط أن هذا الاعلان لم تظهر نتائجه على الواقع, بل على النقيض من ذلك, فقد أكدت "مجموعة الأزمات الدولية" في العام الماضي, أن انفتاح السوق السورية كان له "نتائج سلبية جدا" على قطاع الحرف المحلية, خصوصا في دمشق, ومحيطها, حيث كان يتوطن الكثير من الحرفيين. لقد أدت سياسة تحرير التجارة إلى دمارهم, واحداث قطيعة بينهم وبين النظام. فلاغرابة ان تتحول مدينة دوما الآن إلى معقل للتمرد, وتغدو في وقت من شهر كانون ثاني الماضي في قبضة المتمردين.
عمل أسامة القاضي لفترة طويلة كموظف كبير لدى شركة الغاز البريطانية, ومن ثم مستشارا اقتصاديا دوليا. تخصص بتطبيق قوانين حرب سون تزو المعتمدة لغزو الأسواق. وعلى الرغم من أنه لم ينخرط يوما في السياسة, ولم يكن يوما من معارضي حزب البعث, إلا أنه أدخل إلى مجلس اسطنبول للاستفادة من كفاءاته العالية, إذ طلب منه وضع استراتيجية نهب سريع لوطنه الأم, فور الاطاحة بالجمهورية العربية السورية.
مشاريع
هكذا أصبح بوسعنا أن نقرأ في "ناشيونال ايكونوميك فيجين" أن رئيس المكتب الاقتصادي في مجلس اسطنبول, أسامة القاضي, قد قدم في اجتماع "مجموعة العمل" الذي انعقد الأسبوع الماضي في أبو ظبي, برئاسة ألمانية, ورقة قال فيها أن تحرير الاقتصاد لايمكن أن تظهر آثاره في تحسين مستوى المعيشة إلا على المدى الطويل. لذا يجب أولا خلق ظروف موثوقة للاستثمارات الأجنبية, وزيادة انتاجية العمال السوريين, وتسريع خطوات انشاء شركات صناعية, إضافة إلى اصلاح القطاع المصرفي, والبحث عن منافذ تصريف في الخارج بشكل خاص.
إذا فمشروع مارشال لانعاش سوريا الذي من المفترض أن ينطلق بأسرع ما يمكن, من شأنه أن يجتذب الاستثمارات الغربية المباشرة بنسب كبيرة منها. وسوف يكون من واجب الأمانة العامة "لمجموعة العمل" التي تديرها ألمانية, في المستقبل, تقديم يد العون في تنفيذ هذا المشروع بمجرد الاطاحة بنظام الأسد, وبروز نظام جديد.
كما حصل في كوسوفو منذ بضع سنوات
لقد اتضح أن مجلس اسطنبول المنخرط في تعاون واسع النطاق مع الغرب, من خلال "مجموعة العمل", والذي يتهيأ أعضاؤه لشغل مناصب إدارية لاحقا, يواجه رفضا جديا من قبل المعارضين السوريين. فهيمنة الأخوان المسلمين على هيئته العامة من خلال عدد كبير من أعضائهم, هي التي أثارت عداء الكثير من المعارضين ذوي التوجهات العلمانية, إضافة إلى أن مجاهرة العديد من قيادات المجلس بتوسل التدخل العسكري الغربي, أثار بدوره أيضا امتعاض جزء مهم من المعارضة السورية.
في مقابل ذلك نجد أن هيئة التنسيق الوطنية, وهي تجمع معارض في الداخل, لايأخذها الغرب بعين الاعتبار, أعلنت عن موقفها القطعي ضد أي عمليات عسكرية غربية في سوريا.
رضوان زياده "مدير العلاقات الخارجية" في المجلس, كنظيره مدير المكتب الاقتصادي, أسامة القاضي, يعملان معا في المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية, أعلن في مرات متتالية تأييده لعمليات مشابهة لما حصل في كوسوفو بقوله "تقدم كوسوفو مثالا عن كيفية تدخل الغرب". وقد كان زيادة في شهر تموز من العام الماضي 2011 بضيافة وزارة الخارجية الألمانية, وفي شهر شباط الماضي بضيافة مجلة "فاينينشيال تايمز"، وآخر تصريح له كان يقول فيه أنه "على الجيش الحر أن يؤدي نفس الدور الذي قام به جيش تحرير كوسوفو".
وعلى ذمة موقع "جيرمان فورن بوليسي" فإن عددا من المعارضين السوريين قد قاموا بزيارة مؤخرا إلى كوسوفو للاطلاع على أنشطة جيش تحرير كوسوفو التي قام بها عام 1999. وبناء عليه فإن مجزرة الحولة يمكنها أن تحمل نفس معنى مجزرة راتشاك التي وقعت في بداية عام 1999.
ففيما يخص مجزرة راتشاك, كان ثمة شكوك قي ذلك الوقت توحي باستخدام المجزرة لتبرير الحرب, لم يتم دحضها جديا حتى الآن.
= ابو فاتح =