الخطأ الفادح والصوت الهادر
كلمة
[الكاتب د. محمد صالح الهرماسي
الثلاثاء, 28 فبراير 2012 00:19
ارتكبت الحكومة التونسية خطأ فادحا باستضافة مؤتمر أعداء سورية، ومهما كانت المبررات التي ساقتها وتسوقها لتسويغ موقفها، فإن الحقيقة الواضحة هي أنّ الثنائي السعودي القطري ومن ورائه التحالف الأمريكي الأوروبي قد أصبح ذا تأثير مباشر على القرار التونسي الرسمي. نحن نفهم أن تمارس الدول بعض السياسات البراغماتية للحصول على مكاسب اقتصادية، ولكن أن يصل السلوك البراغماتي إلى حدّ التنكّر لمبادئ الثورة التونسيـّة نفسها من أجل الحصول على مساعدات خليجية تستطيع بها حركة النهضة تبييض وجهها الذي لطخه سواد العجز عن معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية في البلاد فهذا أمر مرفوض أخلاقيا ووطنيا رفضاً قاطعاً. قد كان على صنّاع القرار التونسي اليوم ألاّ ينسوا أبداً أن الشعب التونسي أسقط استبداداً مرتهنا للامبريالية والصهيونية وكان يعيد إنتاج نفسه ويؤمن عوامل استمراره من خلال ذلك الارتهان الذي كان يضعه في موضع التابع الذليل.كان عليهم ألاّ ينسوا أبداً أن الشعب التونسي لن يقبل بحكم يزعم أنّه "ديمقراطي" ولكنّها ديمقراطية بائسة لا تتردد في القبول بالارتهان القديم نفسه، بل تمضي فيه إلى حدّ الانخراط في المشروع الأمريكي المعادي للأمّة العربية من خلال الالتزام بالخط السياسي الرجعي العربي المكرّس في تنفيذ ذلك المشروع...لكنهم نسوا أو تناسوا، أو لعلّ سكرة الوصول إلى سدة الحكم، ولو كان مؤقتا، قد ذهبت بعقولهم فافترقوا عن الشعب الذي جاء بهم إلى السلطة ومنحهم فرصة تطبيق أفكارهم البراقة التي تستلهم القيم الإسلامية النبيلة فإذا بهم يثبتون عند أول اختبار أنّهم مستعدون للتنازل عن القيم والمبادئ في سبيل السلطة والمال...على أن ما حدث يوم 2012.2.24 قد أيقظهم من السكرة، فقد ارتفع صوت تونس العربية مدويا يرفض استخدام البلاد، التي كانت دائماً قلعة العروبة في المغرب العربي الكبير، مقرّا وممرا للمؤامرات التي تستهدف العروبة المقاومة ممثلة بسورية الصامدة في وجه الهجمة الامبريالية الصهيونية الرجعية الشرسة منذ أن أعلنت أنها دولة القومية العربية، وحاضنة المقاومة العربية.أملنا كبير في أن لا تدخل حركة النهضة، الشريك الوازن في الحكومة، في صراع مع شعبها الذي جاء بها إلى السلطة والتي يفترض أنها موجودة لتسمع صوته لا لتفرض قرارتها ضدّ إرادته. \\ سورية الله حاميها \\
\\ ابو فاتح \\