حب الوطن
كم هو جميل ان يشعر الإنسان ويعيش بعاطفة الحب، هذه الغريزة التي منَّ بها الله عليه، والتي من خلالها تتغير معاني الاشياء وصفاتها في قلوب كل من أُشربوا بها من بني البشر. والحب بمعناه الشامل لايقتصر على العاطفة التي يكنها الانسان لمن حوله من بني جنسه، بل يتسع لكل ما في هذه الحياة من شيء جميل، ليشمل الزمان والمكان. و«الوطن» هذا الاسم الذي تنبعث من حروف اسمه معان لا حصر لها من الاحاسيس والمشاعر عند كل من تأمل أو حاول الخوض في اسراره والتي بلا شك سيعجز القلم عن وصفها. وماذا بمقدوري ان أعرفه ! سورية ! هي مساحة الارض التي تعد خطانا فوق ترابها . ومن خيراتها نقتات ونشرب . وعليها نبني ملاذاً آمناً يقينا من شدة البرد أو لسع الحر، ونأوي اليها للراحة من كل عناء.أم هل هو الهواء الذي من خلاله تتجدد في اجسادنا الحياة بأنفاس لاحصر لها ، لو حُرمنا منه لحرمنا بالأصح من الحياة.أم انه الفضاء الذي تحلق في سمائه احلامنا لتسابق اسراب الطيور.وبعد هذا التوضيح المختصر والبسيط يثور التساؤل، كم مقدار الحب والولاء الذي نكنه لهذا الوطن " سورية " قلب العروبة النابض ، والذي بالاضافة الى ماسبق ما بخل يوماً بالجود لابنائه عن كل ما يمتلكه من غال ونفيس سواء ما كان ظاهراً فوق ترابه او ما اخفاه في باطنه، ناهيك عن ما تزخر به من تراث. وبعدها الا يستحق منا اسمى مراتب الحب واعلاها ؟ وبشيء من الحزن قد يثار مثل هذا التساؤل في الوقت الذي يتبادر الى الاحساس بانه بات يشكو اليوم من شحة الحب والولاء الذي يلمسه ويلاقيه من ابنائه. إذاً كيف يكون الحب له وما هي الدلائل ؟ وإذا ما حاولنا الاجابة على هذا السؤال، فلنا ان نعود قليلاً الى الماضي ولأجيال سبقونا، فلعلنا منهم نستطيع ان نعرف ما كان يعبر لهم مثل هذا السؤال (انهم جيل الثوار)، اولئك الذين لم يعبروا عن حبهم للوطن بالقول فقط، بل ترجموا ذلك بالفعل، كيف! وقد قدموا ارواحهم الطاهرة، ودماءهم الزكية رخيصة من اجله، كي لا يكون مستعبداً أو مهاناً، دفعوها ثمناً للحرية والامن والاستقرار، هذه المعاني التي نحيا بظلها، وبعدها سلموا الينا امانة الحفاظ عليه، والمضي في الوصول الى الاحلام التي رسموها في سمائه، فلم يكن لهم متسع من الوقت لتوضيح ملامحها على الواقع لحجم المسؤولية العظيمة التي أولكت اليهم، والتي من أجلها قدموا حياتهم. وانطلاقاً مما سبق هل لنا الآن ان نعي معنى الحب والولاء للوطننا الحبيب سورية ؟ اذن فلنحاول ان نراجع حساباتنا، عن الذي قدمناه ونقدمه في سبيل بناء ونماء هذا الوطن، وذلك من خلال العمل الدؤوب بناءً على اسس وخطط، نسعى من خلالها الى النهوض والرقي به في شتى المجالات، لتتجسد بذلك العلاقة التي تنبغي علينا تجاهه. ان مثل هذه المعاني لا بد ان نرسخها.. اولاً في نفوسنا من خلال ما نقدمه لهذا الوطن، وذلك بالعمل المتفاني، كل من موقعه وحسب اختصاصه، من ثم لابد ان نغرسها للاجيال القادمة والذين نعول عليهم الامل الكبير، والذي لابد ان نزرع في داخلهم هذه المعاني والقيم، وفق آلية عملية واضحة ودقيقة، يستطيعون من خلالها الاستفادة والمضي قدماً في تطوير معانيها، انطلاقاً من الشعور بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم في عملية النهوض والبناء، لتسير بذلك عجلة التطور والنماء مستمرة في هذا الوطن الحبيب، بدلاً من ان نورثهم السلبيات التي بلا شك ستسعى الى طمس تلك المعاني والقيم. والحب الحقيقي الذي يجب علينا نحو هذا الوطن يأتي انطلاقاً من الواجب والامانة الملقاة على عاتقنا جميعاً، وليست اذا ما صح الكلام اختيارية او فرض كفاية اذا ما قام به البعض سقط عن الآخرين، ولان بناءه لا ولن يكون الا بيد ابنائه المخلصين، اولئك الذين ينظرون اليه بنظرة نحو اليوم والغد والمستقبل المشرق بالأمل. وفي سبيل ذلك لابد لنا من الاستفادة من العالم من حولنا، حتى اولئك الذين لا تحثهم شرائعهم على الولاء لاوطانهم، كما تحثنا شريعتنا الغراء، كيف استطاعوا ان يصلوا بها الى مستوى منقطع النظير. فليعمل الكل من أجل بناء هذا الوطن، ولنسعى جاهدين في وضع معالم نشعر من خلالها بأننا قدمنا شيئاً، حتى إذا ما اتى من بعدنا الاجيال ؟؟؟؟؟
( يقولون: مرَّوا وهذا الأثر ).
\\ ابو فاتح \\
أحدث الصور 
موضوع: حب الوطن كم هو جميل 
الثلاثاء فبراير 07, 2012 6:12 am
