(( ودم لا يكفكف يا دمشق!.... ؟؟؟ ))
حنّوها بالدم لتتحول من عروس إلى شهيدة. أقدم عواصم التاريخ تحت خناجر من لا يعرفون التاريخ ولا الحضارة.
مرارا صبغتها نسخ هولاكو بالدم، ومرارا سكبت دمها لتدافع عن سيادتها وعزتها، حتى ولو كان قدر الاستشهاد محتوما، قال يوسف العظمة: لن أترك التاريخ يسجل أن الفرنسيين دخلوا سورية من دون مقاومة ... أوصيكم بابنتي ليلى! ومضى...
لم يمّح الحقد الفرنسي، ولا الحقد العثماني الذي علق أحرارها في ساحة المرجة وساحة البرج في بيروت معا... ومعا احتفلتا بجلائه ثم بجلاء الفرنسي. ذهب الغرب وأرسل صهاينته، ظلت دمشق قبلة الأحرار وقبلة الاستعمار وحقده... للمرة الأولى تصبح دمشق قبلة حقد العرب، بعض العرب.
حتى أبناؤها الذين ثاروا فعلا لأن قبلتهم الإصلاحات والحريات، أصبحوا ضحية مؤامرة الغرب وبعض العرب، أقصوا عن الصورة، التف عليهم الظلام والدم والجهل والحقد، صرخ في وجوههم: ابتعدوا عن الطريق فليست أحلامكم هي الهدف.. أحلامكم تزعجنا لأنها تجعل سورية أقوى، أحلامكم لا تعنينا إلا بقدر ما نستطيع استعمالها ستارا لتدمير البلد الذي يتحدى حديثي النعمة في التاريخ بأقدم عاصمة في التاريخ، يتحدى الأحادية العنصرية المريضة بتعددية لا يعرفها سواه، وسوى البيئة الكبرى التي احتفظ وحده باسمها: سورية. يتحدى طوفان ثقافة الاستهلاك بمجتمع منتج يأكل مما يزرع، ويلبس مما ينسج، ويورد مما يصنع، ويعلم ثقافته الوطنية، بلد بلا ديون، وهل هذا مقبول لدولة في العالم الثالث وفي العالم العربي الغارق برائحة النفط والدين؟ بلد يطور تسلحه، وهل هذا مقبول لبلد على حدود إسرائيل؟
فكان الالتفاف على المعارضة واختراقها منذ البداية للقضاء على كل هذا التابو: على المعارضة السلمية المدنية، تدمير البلد، ماديا ونسيجا اجتماعيا، تدمير الاقتصاد المنتج، تدمير شواهد التاريخ والأهم تدمير الجيش. لم يكن من العبث اختيار اسم الجيش الحر للمجموعات التي تم تجنيدها للقضاء على كل ذلك، ولفتح باب البلاد أمام مجموعات لا عد لها ولا حصر لجنسياتها.
كان الجيش الحر نسخة مفصلة دقيقة عن جيش لبنان الحر، واليوم تنقل إسرائيل من نموذج لبنان، تجربة البوابة، ترحل بوابة فاطمة إلى القنيطرة لتصبح ممرا رسميا للمتعاونين. لماذا تأخر ذلك ؟ لأن سورية ليست لبنان ، سورية القوية كانت تستدعي محاصرتها من أكثر من جهة ليصبح من الممكن فتح الجهة الإسرائيلية. إسرائيل كانت ضميرا مستترا فاعلا في كل حركة حصلت في صفوف المسلحين وثوار الخمس نجوم في الخارج ، وها هي تتحول إلى ضمير منفصل فاعل على الحدود التي حررت عام 1973.
ولأن المخططات لم تنته بعد، لا مخطط إسرائيل، ولا مخطط جميع الدول الغربية والعربية المتآمرة على سورية، فإن منع تحقق المفاوضات على وقف الدم السوري، كان لا بد أن يحصل بأكبر شلال من الدم، شلال يحمم دمشق التي استعصت على الحملات التي بشر بها المسلحون عدة مرات لتنتهي بفشل ذريع. إذاً فلتغرق العروس بدمها طالما أن خاطفها لم ينجح في سبيها وجعلها مادة يفاوض أهلها على فديتها. ( الأحد 2013/02/24 SyriaNow)
\\ ابوفاتح \\