المناورات الروسية حدثاً عسكرياً له دلالاته ؟؟؟
الجمعة، 18 كانون الثاني، 2013
أوقات الشام
يشكل إعلان موسكو إجراء مناورات حربية روسية في البحريْن الأسود والأبيض المتوسط نهاية الشهر الجاري، حدثاً عسكرياً له دلالاته وأبعاده السياسية، فهذه المناورات التي من المقرر أن تشارك فيها الأساطيل الروسية في البحر الأسود، وبحر البلطيق، والمحيط الهادي، والشمال، هي الأولى من نوعها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، وتكتسي أهمية كبيرة لناحية عودة القوة الروسية إلى تثبيت حضورها القوي في المياه الدافئة بالمتوسط وقبالة الساحل السوري، حيث تجري هذه المناورات في وقت يشتد الصراع الدولي والإقليمي بين محورين: الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية؛ الساعية عبر الحرب التي تشنها ضد سورية، بواسطة الجماعات والقوى العميلة لها إلى إعادة إنتاج سيطرتها الاستعمارية في المنطقة، لضمان استمرار الشركات الغربية في القيام بعملية نهب الثروات العربية، خصوصاً مادتي النفط والغاز، وبين محور مقابل يتجسد في حلف دول وقوى المقاومة (سورية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، والمقاومتين اللبنانية والفلسطينية)، مدعوماً من مجموعة دول البريكس (روسيا والصين والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا)، والذي يسعى إلى إنهاء عصر الهيمنة الغربية على العالم، ومنع تجدده، من خلال وضع حد لسياسات التدخل الغربي في شؤون الدول الداخلية، وبالتالي منع استخدام مجلس الأمن غطاء لتنفيذ هذه السياسات.
كما أن هذه المناورات تأتي في توقيت يحتدم الصراع ويبلغ ذروته في الموقف من الأزمة السورية، التي بلغت مرحلة عنق الزجاجة، ما يجعل كل محور يشحذ ويستنفر كل أسلحته لتغليب موقفه، الأمر الذي يصح فيه اعتبار النتيجة التي ستفضي إليها الحرب الاستعمارية ضد سورية هي التي ستقرر ماهية وطبيعة النظام الدولي والإقليمي؛ فإما يعاد تكريس نظام الهيمنة الغربية بقيادة أميركا، أو ينشأ نظام متعدد الأقطاب على أنقاض نظام هيمنة القطب الأوحد.
ومن الواضح أن الإعلان عن إجراء المناورات جاء في لحظة تبين فيها أن القوى العميلة للاستعمار فشلت في تحقيق أهدافها في إسقاط سورية، وأن الدولة الوطنية السورية صمدت وبرهنت أنها تملك من عناصر القوة ما يمكّنها من الانتصار على الجماعات المسلحة وتطهير البلاد منها، خصوصاً بعد النجاح في إحباط مخطط اختراق العاصمة دمشق، ومحاولة السيطرة على مطارها الدولي، الأمر الذي ولّد قناعة لدى المراقبين والمحللين الغربيين بأنه لا يمكن إنقاذ المجموعات المسلحة من الهزيمة وتمكينها من الصمود طويلاً من دون تدخل عسكري خارجي، وهو خيار يحاذر حلف "الناتو" الإقدام عليه، خوفاً من نتائجه وتداعياته العسكرية والاقتصادية والسياسية على دول الحلف.
من هنا، فإن موسكو التي تعتبر أمن دمشق من أمنها القومي، وسقوطها في فلك الهيمنة الغربية يعني خروج روسيا من المياه الدافئة وخسارة دورها في أهم منطقة من العالم، وانتقال الحرب الغربية بالواسطة إلى قلب الاتحاد الروسي وجواره، تهدف من وراء المناورات إيصال عدة رسائل إلى الغرب أهمها:
1- التدخل العسكري في سورية خط أحمر روسي، غير مسموح به، وهي مستعدة للحرب لمنع هذا التدخل.
2- الحل في سورية لن يكون إلا سياسياً، وعلى قاعدة حفظ سيادة واستقلال سورية، ومن يقرر مصير سورية هو الشعب السوري وليس أي جهة أخرى، وبالتالي ليس مسموحاً لأحد فرض حلول خارجية معلّبة على الشعب السوري، مثل تنحية الرئيس الأسد، وتحويل صلاحيته إلى حكومة انتقالية، فمثل هذه الحلول لا تعدو كونها صيغاً استعمارية يجري ترويجها عبر المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي تحت عنوان الحل السياسي.
3- روسيا لن تخرج من المياه الدافئة، وقاعدتها في طرطوس استراتيجية وحيوية بالنسبة إلى أساطيلها، لضمان نفوذها في المنطقة من ناحية، وأمنها من ناحية أخرى.
4- روسيا لن تتهاون في مواجهة محاولة إعادة فرض نظام الهيمنة الغربي على العالم، خصوصاً مع تأكيد مجموعة دول "البريكس" أن أي تدخل خارجي في النزاع السوري غير ممكن، وأن حل الأزمة في سورية يمكن تحقيقه عن طريق المفاوضات فقط، والتشديد على أن السوريين أنفسهم هم من يحددون مستقبلهم.
\\ ابوفاتح \
أحدث الصور 
موضوع: المناورات الروسية حدثاً عسكرياً له دلالاته ؟؟؟ 
الجمعة يناير 18, 2013 5:54 am
