سورية لم تنحنِي أبداً ..
جوهر الصراع القائم على منطقة الشرق الأوسط منذ فجر التاريخ حتى اليوم، يدور حول السيطرة على ما تكشّفت عنه مساحاته الشاسعة من ثروات أضحت اليوم عصب الحياة وأسباباً رئيسة لا يمكن تجاهلها في تطور المجتمعات وتقدمها في مجالات العلم والتكنولوجيا والصناعات بمختلف أنواعها، وفي تطوير حقولٍ لم يكن يحلم بها السواد الأعظم من سكان العالم في الطب وغزو الفضاء وما إلى ذلك من أساليب مشروعة وغير مشروعة ما برحت تستخدم كلها في هذا المضمار المتمثل في أحادية القرار العالمي الذي بدأت تتكسر أطماعه على أعتاب الأمم الحيّة التي أخذت على عاتقها ألاّ تنحني لئلا يعتلي أكتافها بعد اليوم غزاة أدمنوا سفك دماء الشعوب النازعة إلى الحرية.ما نشهده اليوم بعد مضي سنة ونيّف على بدء تظهير الدور التآمري والاستعماري المتجدّد في العالم العربي، هو الدفاع المستميت للإبقاء على أحادية القرار المتمثل في أميركا وأتباعها، خاصة ربيبة الاستعمار الغربي والأوروبي "إسرائيل" التي وَجَدت في بعض الجزر العائلية الحاكمة حضناً دافئاً ومرتعاً رحباً من الجاهلية والتخلف لبث سموم التفرقة، ووسيلة قذرة تستخدمها للإبقاء على أخطبوط الاستعمار الذي يمتص رحيق الحياة من شرايين الشعوب لإبقائها في حال من الغيبوبة فيسائر مناحي الحياة لئلا تنهض ولتبقى على ما هي عليه من التشرذم والضياع.دامت الحال المزرية مسيطرة على العالم العربي حتىبدأت حركات المطالبة بالحرية والسيادة تتصاعد بشكل لافت، خاصة بعد الانتداب المقيت وحتى اليوم، إذ كانت بلاد الشام مركزاً محورياً في احتضان الانتفاضات الهادفة إلى تحقيق تطلعات المجتمعات الحيّة وتحديداً سورية التي تحمّلت وما زالت تتحمل الوزر الأكبر من مسؤولية إنماء روح التضحية والفداء انتصاراً للمبادئ الوطنية والقومية وتحرير الشعوب من العبودية والاستغلال... لأجل ذلك دفعت دول الغرب والصهيونية العالمية بأذنابها وعملائها المستعربين إلى الدفاع عن عروشهم المتخمة بالفساد وخلق الفتن وزرع الشقاق بين مكوّنات المجتمعات التي بدأت تتنشق نسمات الحرية وعبير الكرامة ومواقف العز بالتخلص من نير الكبت والحرمان، فأغدقت تلك المحميّات الأعْرابية المتصهينة الأموال واحتضنت أعداد الهاربين من العدالة وبعض المحنطين السلفيين وأصحاب البدع التكفيرية فعاثوا فساداً وترويعاً وتخريباً، ظناً من أسيادهم أن الأمور ستستقيم لهم وسيفرضون تخلّفهم وجهالاتهم، فهزموا شر هزيمة، وها هم اليوم يتوسلون المبعوث الدولي كوفي عنان ويحاولون من خلال ما هو مكلّف به مساواة القتلة والمجرمين والسفّاحين بحماة الديار، في خطة ما يسمى بوقف إطلاق النار التي يُعمل على إنجاحها، بعد تأييد الدولة السورية المشروط لها بعدم الخروج على مبادئ السيادة الوطنية وسلطة الدولة ومؤسساتها في كيفية التطبيق العملي لها.محاولة "المساواة" الفاشلة، التي يقوم بها أعْراب المضارب وقوافل الإبل في زمن باتت فيه خفايا نواياهم السيئة وإجرامهم الذي فاق الوصف بحق الشعب العربي السوري على امتداد الوطن كله، هي محاولة مكشوفة المعالم ولا مكان لها في قاموس الدولة السورية بجيشها الصامد وشعبها العربي الأبي، الذي عُرف عبر تاريخه المشرق أنه يؤثر الاستشهاد على الاستسلام، وأنه مصمم على تثبيت الأمن والاستقرار وصون العدالة والدفاع عن حرية فئاته وأطيافه ومكوّناته الاجتماعية والعمل بجدٍ مهما غلت التضحيات لإرغام قوافل الأعْراب المتصهينين على العودة إلى رمالهم القاحلة يجرّون أذيال الخيبة والهزيمة حتى يفيقوا من "أحلام اليقظة" التي تتحكم في مساراتهم الخاطئة بعدما خُذلوا في كل مؤامراتهم وتأكد لهم أنهم غير قادرين هم وشراذمهم التكفيرية وعصاباتهم المأجورة أن يكونوا مع الأحرار والمقاومين في مسار واحد... ولا بد لهم من أن يعرفوا جيداً أن لا أحد في حاضنة العروبة الحقيقية وقلبها النابض وعلى امتداد الوطن الخصيب كله يمكنه الركون إلى ملمس تلك الأفاعي الصحراوية الناعم، لأن في تقلبها السم الزعاف والعطب والفناء ! \\ سورية الله حاميها \\
\\ ابو فاتح \\