ماذا يفعل العرب في قمة بغداد..؟
تنعقد القمة العربية في بغداد بتاريخ 29 آذار والعرب منقسمون على أنفسهم تجرهم عواصف الفرقة والتغريب عن أوطانهم، مهددون بمشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تم صنعه في وكالة المخابرات الأميركية والصهيونية وتديره أكثر دوائر «الآل» إجراماً ووحشية لقتل الإنسان العربي من المحيط الأطلسي وحتى الخليج العربي، في مشاريع استسلامية بدءاً باحتلال فلسطين وحتى قيام ما يسمى ثورات الربيع العربي التي أسهمت بتدمير مؤسسات الدول العربية في العراق وليبيا ومصر، وتقسيم السودان والفوضى في اليمن والقادم لا يعرف على خارطة المشروع الأميركي من تقسيم وتفتيت للأرض العربية وسلب هوية الإنسان العربي.
تنعقد هذه القمة والجسد العربي مصاب بطعنات قاتلة وبمرض عضال قل أن تصاب به أمة من الأمم في هذا العالم مثلما أصيبت به الأمة العربية في حاضرها وهي تنقسم إلى أحزاب وميليشيات وطوائف وأحلاف وكانتونات ومشايخ وقبائل في زمن العولمة والشرق أوسطية وهيمنة الولايات المتحدة الأميركية والتغلغل الصهيوني في الوطن العربي نتيجة الاتفاقات الاستسلامية المعقودة بين بعض العرب والكيان الصهيوني لطمس الهوية العربية وتخدير العقول العربية من النهوض بالفكر القومي العربي لمحاربة المشروع الإمبريالي الصهيوني الذي يخطط بالسيطرة على أرض العرب في فلسطين وسرقة مياه العرب وبناء قواعد عسكرية صهيونية في جنوب السودان وسيناء والبحر الميت وغيرها من دول العالم المجاورة للوطن العربي.
ماذا يناقش القادة العرب في قمة بغداد القادمة، هل يناقشون نتائج الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003؟ ويعرف الشعب العربي من المحيط إلى الخليج أنهم (أي العرب) قد شاركوا في احتلال هذا القطر العربي جنباً إلى جنب مع أميركا وإسرائيل وقوات الأطلسي فأحرقوا الضرع والزرع والحجر وقتلوا مليوناً ونصف المليون عربي عراقي؟ أم يعتذرو من بغداد، ومن أبي جعفر المنصور، والخليفة هارون الرشيد على فعلهم الشنيع تجاه العراق وأهله وجيشه الشجاع الذي شارك في كل الحروب العربية ضد أعداء القومية العربية منذ فجر التاريخ.
وهل يناقش العرب في قمة بغداد القادمة هزيمتهم المنكرة في كل المحافل الدولية أمام إسرائيل وخضوعهم وتوقيعهم على الاتفاقيات المبرمة مع هذا العدو الماكر الذي أحرق غزة وهدم بيوت العرب في القدس ليبني محلها آلاف المستوطنات ولا حول ولا قوة للعرب، إضافة إلى تدمير الدولة الليبية وقتل أكثر من مائة ألف ليبي بواسطة طائرات حلف شمال الأطلسي بحجة الربيع الأميركي العربي المزعوم لكي ينسى العربي في المشرق أو المغرب عروبته وقوميته وهويته وتراثه العربي.
في قمة بغداد القادمة إن عقدت في الموعد المقرر فسوف يتفق العرب على:
1- عدم المطالبة بحقوق الشعب العربي الفلسطيني كاملة مع الكيان الصهيوني مع تنشيط الاتفاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية معها وجر المنظمات الفلسطينية إلى المصالحة مع هذا الكيان الدموي وعدم المطالبة بالأراضي العربية المحتلة وذلك إرضاءً لأميركا وحلفائها.
2- تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير بتقسيم الوطن العربي بواسطة ما يسمى الربيع العربي بمساعدة تركيا وإسرائيل وبمباركة عربية (خليجية) تحت راية الولايات المتحدة الأميركية.
وعلى هذا الأساس سوف يتفق العرب أيضاً في قمة بغداد على تصعيد المؤامرة الكبرى ضد سورية العربية والذي يعرف الداني والقاصي، الأعداء والأصدقاء، العرب وغير العرب أن أي مؤتمر قمة عربية ينعقد منذ ولادة الجامعة العربية من دون سورية ينعقد وينتهي ميتاً لا روح فيه ولا شعور قومياً فيه ولا إرادة عربية فيه، وما كانت بغداد المنصور في يوم من الأيام بمعزل عن سورية، فلا يولد في بغداد قرار سياسي إلا وكانت دمشق حاضرة فيه، هكذا علمنا التاريخ العربي، فنحن شعب عربي واحد وإنسان عربي واحد وعشيرة واحدة، تعيش على ضفاف دجلة والفرات، ليس بيننا حدود، بل أكوام من رمال الصحراء.
نعم، إنها سابقة خطيرة في تاريخ الأمة العربية وتاريخ الأمن القومي العربي أن يتنكر العرب لدور سورية التاريخي الذي علم الأبجدية لكل دول العالم، وتعلم العرب أنفسهم من سورية معنى البطولة والنضال والحياة عبر سبعة آلاف عام من الحضارة، وأنتم يا عرب نحن نقرأ التاريخ من أبوابه في لوحة سومرية تقول: (إن ما بين عرب الفرات وأعاليه ينبض عقل الإنسان بوجود أمة لا تقهر) نعم.. دمشق ستبقى عظيمة.
ولكن أسفي على أمتي.. يا بغداد، يا قلعة العروبة، وعاصمة الرشيد.
المصدر: رحيم هادي الشمخي - أكاديمي وكاتب عراقي
وابو فاتح