\\ الذاكرة السوداء \\
حاولوا العبور إلى سورية من كلّ البوّابات فأُغلقت في وجوههم ، وبقيت سورية شوكة في خاصرتهم ، وعيناً تقاوم المخرز . فلا مجلس الأمن ، ولا جامعة الدول العربية ، ولا الاتحاد الاوروبي ، ولا مجلس التعاون الخليجي ، ولا جيرانها ، ولا دعاة الفتنة المتنقلين بين فندق وآخر، ولا الإعلام المأجور ، لم يستطع كلّ هؤلاء أن ينالوا من شعبها المحبّ للحياة ، ولا من جيشها الحامي لعلمه ، ولا من قيادتها المصمّمة على الإصلاح وتصديره إلى " الأشقّاء " الذين يبشّرون بالحرية والديمقراطية وتداول السلطة ، فيما الكبت والرأي الواحد والحكم الوراثي هم العناوين الرئيسة لهؤلاء الأشقّاء .من خلال هذا المشهد الذي بدأ يفرض ذاته على الأندية العالمية والإقليمية ، تحرّكت القيادة السورية وشكّلت لجنة لصياغة دستور جديد للبلاد ، مؤكدة أن الإصلاحات التي وعد بها الرئيس بشار الأسد مستمرّة ، وأن المواجهات الأمنية مستمرّة أيضاً حتى تعود الأمور إلى وضعها الصحيح .. وستعود .
السؤال : ما هي الدروس التي تعلمناها من هذه التجربة المرّة التي لو نجحت لانتهت ثقافة المقاومة ، ولانتهى الفكر القومي ، ولأصبحنا عبيداً يحكمنا طغاة يأتون من كلّ مكان ... من ذاكرة سوداء لم تنسَ بعدُ حكم السلاطين ، ولا سادية الانتداب ، ولا المجازر الاسرائيلية في دير ياسين وغزة وقانا ، وغيرها أكثر من أن يُحصى .بعد هذه التجربة المرّة العمرها سبعة أشهر وأيام تكوّنت ذاكرة أخرى أكثرُ سواداً ، وعلينا مواجهتها حتى لا نقع في خطأ مرتين ، فالخطأ الثاني يصبح خطيئة ، والخطيئة يصعب تجاوزها .ماذا تحمل الذاكرة السوداء الأخرى ؟
1- غدر الأصدقاء ، من كان يصدّق أنّ قطرَ وتركيا سيكونان أشدّ عداوةً على سورية من العدو ؟
2- الصلف الغربي ، لقد مارس الغرب فوقية حمقاء في إملاءاته معيدا إلى الأذهان عهده الاستعماري البغيض ، ومتناسيا أنّ سورية دولة مستقلة وحرة .
3- تردد بعض الدول العربية في اتخاذ موقف جريء يناسب حجم المؤامرة ، كان موقفها رمادياً ، والرمادي أسوأ الألوان في اللحظات المصيرية والحرجة والخطيرة .
4- المعارضون الذين طالبوا بالحماية الدولية والتدخّل العسكري ، حتى ولو أدّيا إلى تكرار المشهدين العراقي والليبي .
5- الإعلام المفخّخ الذي كان الأكثرَ ضرراً على الشعب السوري من السلاح .
6- تجار السلاح ومن وقف وراءهم من السياسيين .
فهل يمكن أن ننسى وأن نسامح ؟ وهل صحيح أنّ السياسة هي فنّ الممكن ؟ عسى أن لا يكون ذلك حتى لا يتحوّل الخطأ إلى خطيئة .
وحتى لا نرحل في التشاؤم لا بدّ من القول إنّ ثَمٌةَ ذاكرةً ناصعة البياض ، سنتحدّث عنها في الوقت المناسب .\\ منقوووووللل \\
\\ ابوفاتح \\