\\ في قسوة ألأيام عليك \\
من طرف ابو فاتح في.
كلمات في الغربة
عندما يختم لك تأشيرة الدخول . على صفحة الغربة . في جواز ضياعك ... تشعر لوهلة . إنك بدأت الخطوة الأولى في عالم الحرية,, ترتسم إبتسامة المنتصر . على الإخفاقات المتكررة . في قسوة ألأيام عليك ,, تستلم حقيبة .. تقول لك :املأها بأفراحك . هنا ضع فيها كل ما يفرحك ,, لا تنسى أحزانك ,,شقاءك وإخفاقاتك ,, هوامش حياتك ضع فيها ما استطعت ,, ستحتاج لها في غربتك ,,تأخذ كلمات وداع الأحبة ,, فرحتهم بك ,, حزنهم عليك.. تجمع دموع والدتك . في لحظة الفراق , ابتسامة والدك . المكابرة بالفرحة . المخبأة بالحسرة,, قبلات إخوتك . على وجهك . وتتمنى أن لا تمسحها دهراً ,, وتغادر ...مع وصولك ؟ تفتح حقيبتك .. لتكتشف ماذا فعلت بنفسك , أي جنون هذا ما أتيت به .. إنها تشارك الغربة في تعذيبك ,, تقفل عليها مسرعاً ,, وترميها جانباً ,,لكنها تتسلل هاربة لتهاجمك .. في أي لحظة ,, تعانقك وتداعبك,, وتقتلك في النهاية .. كل أمور حياتك الصغيرة كبرت في هذه الحقيبة لتحن إليها ,, تحارب ما أتيت به من جنون ,, بحقيبة الأمل .. التي بدأت تملأها مع مجيئك .. وتتغذى بها لحين رحيلك ,, معرفة جديدة وشعب مغاير .. ومستقبل قد يكون آخر ,, تركت اللعب .. مع عالم الذكريات .. وأقنعت نفسك بالمسلمات . وفي الغد ربما ؟
ما قد يكون أفضل ..الغربة ليست محطة .. إنها قاطرة أركبها حتى الوصول الأخير ., قصاص الغربة ..
يكمن في كونها تنقص منك .. ما جئت تأخذ منها .. بلد كلما احتضنك , ازداد الصقيع في داخلك .. لأنها في كل ما تعطيك تعيدك .. إلى حرمانك الأول .. ولذا تذهب نحو الغربة لتكتشف شيئا ......فتكشف بإغترابك الناس .. تحسدك دائماً على شيئ لا يستحق الحسد , لأن متاعهم هو سقوط متاعك .. حتى على الغربة يحسدونك , كأنما التشرد مكسب .. وعليك أن تدفع ضريبته . نقداً . وحقداً ..فالغربة فاجعة .. يتم إدراكها على مراحل , ولا يستكمل الوعي بها .. إلا بإنغلاق ذلك التابوت على أسئلتك .. التي بقيت مفتوحة عمراً بأكمله .. ولن تكون هنا يومها لتعرف كم كنت غريباً . قبل ذلك .. ولا .. كم ستصبح منفيا بعد الآن .. ؟
.. تلملم أطراف ذكرياتك.. تحاصر ذاتك أشواقك .. تعتلي سلم لهفتك .. إلى موطئ قدمك.. تدير حواراً مفتعلآ مع من يجلس قبالتك.. تطل عليك إبتسامة المضيفة.. تطل على حدود فرحتك.. تهم بالخروج من أحضان أمك .. لتهم ثانية ببقية أخوتك..تستقل تاكسياً باهت اللون.. لتستقل زغرودة بيضاء حين وصولك.. تفتح حقائب حبك لهم.... تتلفت يمنة فتجد أن قميص إجازتك قد " قد من دبر".. تستقل ذلك التاكسي الباهت.. لترسم إبتسامة صفراء.. وارجعتنا لليوم الذى جهزنا فيه حقائبنا للرحيل .. حقاً نحس بالحزن ساعة الفراق ولا نعلم انه بداية أحزان .. لن تنتهى ابداً .. ونفرح حين الحصول على مقعد فى طائرة الخروج .. ولا ندرى انه الفرح الأخير فى حياتنا .. ما أقسى الغربة وكم تزداد قسوتها .. بعزلك عن محيطك .. الذى تعرفه . وتعميق جذورك .. فى محيط يرفظك كل يوم ..
حتى تفقد الإحساس بالإنتماء لأي مكان فى الدنيا .. وتصبح كالطفيليات تعيش فى أي مكان لا تبحث عن الانتماء ولا عن الجذور بل تكتفى بنسمة عابرة وقد لا تجدها ....ما امر الغربة وما امر العودة .. بعد الغربة وخوفى ان يكون نفس الطعم ....
..... ولكن ...هيهات ... هيهات .... مع امنياتى لكل طير مهاجر .. العودة إلى الوكر الحنون ..الغربة ليست محطة .. إنها قاطرة أركبها حتى الوصول الأخير .., قصاص الغربة يكمن في كونها .. تنقص منك ما جئت تأخذ منها .. بلد كلما احتضنك , ازداد الصقيع في داخلك .. لأنها في كل ما تعطيك .. تعيدك إلى حرمانك الأول .. ولذا تذهب نحو الغربة لتكتشف شيئا ......فتكشف باغترابك .. هذه العبارات بالفعل معبرة... وهي حقيقة توصيف أراه منطقي .. لكافة من هم خارج الديار .. بحثاً عن أشياء .. أصبح الكثير منها وهماً .. عصي التحقيق. وبهذ أختم كلماتي راجياً أن تلقى القبول عندكم
وفقكم الله \\ أبو فاتح \\ .